يُوصَى أولئك الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين بالمثابرة
نجح حوالي 2000 بريطاني يومياً في الإقلاع عن التدخين على مدى عقد من الزمان
إذا لم تنجح في محاولتك الأولى، فابذل المزيد والمزيد من المحاولات إلى أن تنجح. هذا هو المسلك الذي يوصَى بأن يتبعه المدخنون الذين قرروا الإقلاع عن عادة التدخين.
((وقف التدخين عملية، لا حدث)) هذا ما يقوله تقرير بعنوان ((معاونة المدخنين على التوقُّف عن التدخين)) أعدَّه الدكتور مارتن رو، بكلية كنغ للطب البشري وطب الأسنان، في لندن.
وقد عُرض هذا التقرير في المؤتمر الأوروبي الأول حول السياسة المتعلقة بالتبغ، والذي عُقد في العاصمة الأسبانية، مدريد، برعاية الحكومة الأسبانية، ولجنة الاتحادات الأوروبية، ومنظمة الصحة العالمية.
ويقول التقرير إن ((العملية تبدأ بتغيـير الموقف، بفضل التثقيف الصحي بكل أنواعه، وتنتهي بتغيـير السلوك)).
والواقع أن المدخن يبدأ بأن يقول ((إن التوقُّف عن التدخين قد يكون فكرة جيدة)) وبعدها بفترة يقول ((يجب عليّ أن أتوقف عن التدخين))، ثم يقول ((سأحاول أن أتوقَّف عن التدخين))، وختاماً يقول ((سوف أتوقف عن التدخين)).
وفي بريطانيا وحدها حاول حوالي 2000 بريطاني يومياً على مدى العقد الماضي الإقلاع عن التدخين وأفلحوا في الإقلاع عنه، وتوصف هذه الحقيقة بأنها ((تغيـير في السلوك على نطاق غير عادي ومثير)). ويعترف التقرير بأن عملية الإقلاع عن التدخين ((تستغرق سنوات عديدة مع عدد كبير من المدخنين)).
ووفقاً لخبرة السلطات الصحية، فإن العديد من المدخنين يتوقفون عن التدخين، ثم يعودون إليه، ثم يتوقفون عنه، ثم يعودون إليه مرة أخرى قبل أن يفلحوا في نهاية المطاف في التخلُّص من براثن هذه العادة. فالإخفاق في هذه العملية يدفع بها قُدُماً.
ويفلح بعض المدخنين في الإقلاع عن التدخين بأنفسهم، ويحتاج بعضهم إلى بعض الدورات، وبعضهم إلى بعض الوسائل المعينة، وبعضهم إلى عيادات الإقلاع عن التدخين.
غير أنه إذا عَقَد المدخن عزمه على الإقلاع عن التدخين، أفلحت معه معظم طرق الإقلاع، غير أن التقرير يقول إنه ((لا توجد طريقة سحرية يتحوَّل بها المدخنون إلى غير مدخنين، بغض النظر عن رغباتهم)). ((فإذا لم تكن ترغب بالفعل في التوقف عن التدخين، فلن تفلح معك أي طريقة)).
ويقدِّر الخبراء معدلات النجاح بحسب النسبة المئوية للمدخنين الذين يتوقفون عن التدخين بعد دورة من الإقلاع، والذين هم مستمرون في عدم التدخين بعد سنة من توقفهم. ويمكن التحقُّق من ذلك باستخدام محلِّل لأول أكسيد الكربون.
وتكون احتمالات النجاح في الإقلاع عن التدخين على أفضلها في دورة تُعقد في أماكن العمل، إذ إن كل مدخِّن يدعم زميله ويشجعه بما يتجاوز حدود الدورات الجماعية. ومن بين الوسائل الـمُعينة التي يُوصَى بها لمعاونة المدخِّن على الإقلاع إعطاؤه أقراص تحتوي على بديل للنيكوتين، ولبان النيكوتين، والتنويم، والوخز بالإبر.
ولا يمكن الحصول على لبان النيكوتين في معظم البلدان إلا بوصفة طبية، ولكن يمكن الحصول عليه من دون وصفة طبية في كلٍّ من إسرائيل، وتركيا، وجبل طارق، وسويسرا، ومالطة. ويوضِّح التقرير أن ((من السهل نسبياً استخدام هذا النوع من اللبان، وإن كان يتعيَّن تدريب الأطباء على كيفية وصفه للمرضى)).
ويقول التقرير إن ((التنويم يجدي إذا رغب فيه المدخِّن. وهو غير ضار، وأن هذا الأمر يصدق على الوخز بالإبر)).
ووفقاً للتقرير، فإن معالجة مدمني التدخين الشرهين في عيادات خاصة (( قد يمثّل لهم أفضل فرصة للتوقُّف عن التدخين، إذ إن أولئك المدخنين يكونون عادةً كباراً نسبياً في السن، ويدخنون أكثر من غيرهم، ومن ثـَمَّ فهم معرضون لخطر أشد)).
ومن بين البلدان التي توجد بها أمثال هذه العيادات، أسبانيا، وبولندا، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، والسويد، والمملكة المتحدة، والنمسا. وفي معرض الإشارة إلى مردود الخدمات الصحية، يوضِّح التقرير أن ((معاونة المدخِّن الشَّرِه على الإقلاع عن التدخين تقلّ تكلفتها عن معالجة الأمراض المرتبطة بالتدخين)).
وللمساعدة على الإقلاع عن التدخين، لا يُوصى باستخدام السجائر ذات المرشِّحات والمنخفضة نسبة القطران فيها، ((لأن المدخِّن يدخّن، عادةً، بطريقة تكفل له الحفاظ على مستوى ثابت من النيكوتين في دمه)). والواقع، أن مدخِّن هذا النوع من السجائر يستنشقه مرات أكثر، فيحصل بذلك على قدر من النيكوتين والقطران مساوٍ للقدر الذي يحصل عليه من السجائر العادية.
ويؤكد التقرير أنه ((لا توجد طريقة مأمونة للتدخين)). وينبّه إلى أن ((توقِّي وباء التدخين في المستقبل بإقناع الأطفال بعدم البدء في التدخين، قد أصبح يمثِّل الآن أولوية ملحَّة. ولابد من استخدام كل الوسائل المتاحة لتكثيف الضغط على الأطفال بعدم البدء في التدخين)).
منظمة الصحة العالمية