"الشاوية" سكان الأوراس منذ الأزل، يعيشون في منحدرات الجبال التي تحتضنهم كالأم الحنون، يحتمون بها من غضب الطبيعة، ويستمدون منها لون بشرتهم، ومن صخورها طبيعة مزاجهم... الصلابة والجفاء.. ومن ثم تميزوا عن غيرهم، وكانت طبيعة الأوراس الحارس على وحدة الأصالة للسكان فحافظت على خصائص الأهالي...
قاوم "الشاوية" امتزاج الأجناس واشتهروا بصد الغزاة مهما كانت قوتهم.. وهكذا تمكنوا من الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم ولهجتهم ومعتقداتهم و و و ... الخ.
المقاومة في الأوراس عمرها كعمر الزمان... من الرومان إلى الاحتلال الفرنسي مدة تزيد عن ألفين وخمسمائة سنة، كان أبطال "الشاوية" على ثغورها يلحقون الهزائم بما هو غير أوراسي وكل معاد للشاوية،جبال الأوراس هي جبال عالية القمم تقع تشمل كل من ولايات باتنة وخنشلة وام البواقي تبسة شمال شرق الجزائر وأعلى قمة بها هي شلية التي تقع في ولاية خنشلة بالتحديد ببوحمامة بارتفاع يقدر ب2328.تليها قمة جبل محمل بـ "هيزي العابذ" بولاية باتنة التي يصل علوها إلى 2321م. كما يصنف جبل الأوراس بين أكبر الجبال في شمال أفريقيا. الفوارق الحرارية في منطقة الاوراس واسعة جدا بين فصلي الشتاء والصيف, وبين الليل والنهار, وتتسع هذه الفوارق كلما زاد الارتفاع, فالثلوج تتساقط بكثافة على المرتفعات التي تزيد عن 1300م وخاصة بالسفح الشمالي.وهذا ما ساهم في تشكل غطاء نباتي مميز للمنطقة من أشجار البلوط المحلية وأشجار الصنوبر وشجيرات "تاقا" وأشجار الأرز(اضيال)أو les sèdres في مرتفعات شيليا وإشمول وتتميز قمة المحمل بباتنة بوجود صنف نادر من الأشجار على المستوى العالمي وتسمى باللغة المحلية "أيوال"أو (اضيال) والتي يهددها الإنقراض رغم الحماية المفروضة عليها.
كان الأوراس في الثورة الجزائرية منبعا للثوار والمجاهدين، هذا ما جعل الفرنسيين يحاولون التقليل من أهمية هذا الشعب ووصفة بالجلافة وقسوة المشاعر ورفض التحضر طبعا هو يقصد الاحتلال والفرنسة،وبدأ الجواسيس الغربيين بث هذا الاسم \الشاوي\ واطلاقه على كل من يقاومهم بشراسة ولما كان قبل حوالي 200 عام لا تتوفر وسائل إعلام تخلط الكلام وتشوه الأسماء وتخلق المصطلحات بسرعة، كانت تعتمد على العداوة بين القبائل لتسويقها ثم لجأت إلى الازدراء المتبادل بين سكان الريف والبادية او الريف والمدينة لنشر الكثير من المصطلحات التي تخدم مصالحها في تفتيت البلاد التي تنوي غزوها ويكون هذا قبل الغزو بفترات طويلة، كما تم ذلك في بلاد الرافدين مع بداية ضعف الدولة العثمانية حيث رأت الجاسوسية تشابها كبيرا بين مقاومة جبال الأوراس ومقاومة الفرات لتقبل الثقافات الجديدة والتبعية وتبديل العادات بالإضافة للصلابة التي يسمونها القسوة والوحشية، وقد صدقت توقعاتهم فبعد سنين طوال يدخل المستعمر الفرنسي ويتسابق مع الانكليز فيحاصر البوكمال على ضفاف الفرات بنفس وقت حصار الفلوجة من قبل الانكليز فتكون الكارثة الكبرى عليه من شعب توقع قبل أكثر من مئة سنة أنه يشبه سكان الأوراس في المغرب العربي الذين لم يعربهم سوى الاسلام،فخسر عددا من طائراته في مطار دير الزور.فاستحقوا لقب الشاوية القساة الهمجيين،وهذه عادة الغرب من الأزل فقد أطلقوا قبلا تسمية \البربر\على سكان المغرب العربي الأصلين بسبب ما ذاقه على أيديهم وهي تسمية كانت تطلق على شعب\ الجرمان\سكان الجبال الذين ارتكبوا فضائع في أوربا،ثم جاء حتى بعض العلماء العرب ليستخدمها بعد أن تغير العصر واستعصى المصطلح على الحصر و رضا بعض المنعوتين به لجهلهم ،ونجد استمرار هذه السياسات حاليا ولكن بسهولة أكبر حيث أنتجوا الكثير من المصطلحات التي تسلبنا هويتنا وبلادنا وسوقوها وبعد حين ننسى مصدرها وسياق إنتاجها فنستخدمها كما يستخدمونها لا بل بتعصب كبير لها كمصطلح \الشرق الأوسط \ الذي يعني اعترافنا بوجود إسرائيل الطبيعي بيننا ،ونحن الآن نستخدمه وندافع عن شعوب الشرق الوسط لا العرب ولا المسلمين.
وتاريخ الجزائر الحديث والقديم مرتبط بهذا الإقليم. ففيه قبر ماسينيسا وقصر الملكة دهيا (الكاهنة) ملكة الأمازيغ قبل الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا وأيضا ضريح "أيمادغاسن" الأمازيغي المتميز بهندسته العالية قرب مطار باتنة. وحتى إلى العصر الحديث فإن تاريخ الجزائر ظل مرتبط بجبال الأوراس، ومن بين أبناء هذه المنطقة والشهداء العظماء في ثورة 1954 الجزائرية مصطفى بن بولعيد وسي الحواس والعربي بن مهيدي إضافة إلى عباس لغرور وشيحاني بشير وغيرهم من العظماء، تشتهر ولاية باتنة بتراثها الشاوي العريق الغني وتعد باتنة المعقل الاول لثورة التحرير الجزائرية -كما ذكرنا-وكانت أول رصاصة ضد الاحتلال انطلقت بها نص عريض ويذكر أن غالبية سكان ولاية باتنة هم برابرة أمازيغ. واللهجات المستعملة في الولاية هي الشاوية والعربية الدارجة على الألسنة إلا أن نسبة المتحدثين بالشاوية في عاصمة الولاية قليل جدا وهذا ما نجده معاكسا تماما للوضع في كل من بلدية بوزينة في الدرجة الأولى ،تليها بلدية أريس .فهم أحرص الناس على التمسك بالثوابت القومية غير المناقضة للشريعة الإسلامية.من لغة وتقاليد وعادات".
وأخيرا لابد من التنويه أن سبب كتابة هذا الموضوع بمساعدة الأصدقاء والصديقات من الجزائر والمغرب ، جاء بعد أن انحرف المعنى وبدأت تصحو الفتنة التي كاد يخلقها النعت بهذا المصطلح في بلاد غير بلادهن نتيجة الجهل حيث من يظن نفسه عالما يلجأ إلى المعاجم فيجد كلمة \شاوٍ\ وهي اسم فاعل من شوى ومن الطبيعي أن يكون لها اسم فاعل لأنها فعل مستعمل ولاتذكر المعاجم أكثر من ذالك ،فيلجأ لاختراع القصص الكاذبة، لامجال لذكرها هنا ،بالإضافة إلى أن اتباع مادونا ومايكل جاكسون قاموا بادراج الكلمة ضمن ما يسمونها \أغنيات\ لا تحوي سوى الإيحاء والكلام البذيء والحط من شأن بعض الشعوب بقصد أو بغير قصد ، وتشويه تراث عريق من الأغاني الشعبية التي كانت تتغنى بالبطولات والحب الشريف وعشق الطبيعة، وتصوير الصفات النبيلة