بسم الله الرحمن الرحيم
أخي ... أختاه ... أحباب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ...
كل دموع الناس لا تبل ظمأ القلب القاسي ولو انحدرت كالسيل
عجباً لمن هو حاضر الذهن في الدنيا فإذا جاء الدين تعكر.. هيا:
افتح قلبك وعقلك لحظات وتفكر.... هيا بنا إذا !! ..
أنا عبدٌ لله .. لماذا ؟!
وصل إلى أنه " أكبر العار على الكائن الذي أوتي العقل والإرادة أن يعيش غافلاً يأكل ويتمتع كما تأكل الأنعام لا يُفكر في مصيره ولا يدري شيئاً عن حقيقة نفسه وطبيعة دوره في هذه الحياة حتى يوافيه الموت بغتة فيواجه مصيره المجهول دون استعداد له ويجني ثمرة الغفلة والجهل والانحراف في عمره الطويل أو القصير وحينئذ يندم حين لا ينفع الندم ويرجو الخلاص ولاّت حين مناص "لهذا كان لزاماً على كل عاقل أن يبادر فيسأل نفسه بجد: لماذا خُلقت ؟ وما غاية خلقي ؟
حق الله عليك:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على حمار فقال لي: يا معاذ .. أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم .. قال: " حق الله على العباد أن يعبدوه لا يُشركوا به شيئاً "
إخوتي .. إننا لم نكن شيئاً مذكوراً ثم كنا ، .. خرجنا من ظلمة العدم إلى نور الوجود .. خُلقنا في أحسن تقويم وصُورنا في أحسن صورة .. وعُلمنا البيان وأوتينا العقل والإرادة .. وسُخّرت الكائنات والجمادات لخدمتنا .. الأرض لنا فراش ومهاد ، والسماء لنا سقف وبناء ، والشمس تبثنا بالضوء والحرارة ، والبحار تجري فيها سفائننا بأرزاقه ، والماء ينزل من السماء ليكون لنا شراباً طهوراً ونسقي منه أنعاماً وأناسيّ كثيراً ..
تُرى من الذي فعل كل ذلك ؟
إجابات ربانية شافية ..
( قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ - قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ - قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) [المؤمنون:84-89)وتتجلى الآية الكريمة التي تلخص دفاتر الوجود (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) [الذاريات:56-57] وسُبحان من همس في أذنك " إني والإنس والجن في نبأ عظيم .. أخلق ويُعبد غيري! وأرزق ويُشكر سواي! خيري إلى العباد نازل وشرهم إليّ صاعد! أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم فيتعرضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ " !! ..
أفهمت أم أشرح لك ؟!
دأب الصالحين ..
كان حال الصالحين دوماً كتصريح أحدهم " دخلت على الله من أبواب الطاعات كلها ، فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام ، فلم أتمكن .. حتى جئت باب الذل والافتقار فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه ولا مُزاحم ولا مُعوّق. فما هو إلا أن وضعت قدمي في عتبته فإذا هو سبحانه قد أخذ بيدي وأدخلني عليه " ..
هكذا كان حالهم وهذه كانت حياتهم .. يقرعون باب الذل .. ويتشرفون برفع أكفهم للضراعة والإنابة .. قتلوا في أنفسهم الإنكار والجحود .. والكبر والجبروت .. وعلى الدنيا إذا ماتوا السلام.
لذا أقول لك " كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه ، وولد لا يعذره ، وجار لا يأمنه ، وصاحب لا ينصحه ، وشريك لا يُنصفه ، وعدو لا ينام عن معاداته ، ونفس أمارة بالسوء ، ودنيا متزينة وهوى مرد ، وشهوة غالبة له ، وغضب قاهر ، وشيطان مُزين ، وضعف مستول عليه ، فإن تولاه الله وجذبه إليه انقهرت له هذه كلها ، وإن تخلى عنه ووكله إلى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة "..
فما حالك الآن ؟
ولهذا أخبروك " من عرف الله أحبه ، ومن أحب الله أطاعه ، ومن أطاع الله أكرمه ، ومن أكرمه الله أسكنه في جواره ، ومن أسكنه في جواره فطوبى له .. طوبى له" ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يُفتح له !!..
استجابة للنداء من فوق سبع سماوات ..
يقول الله تعالى " يا أيها الناس إني ما خلقتكم لأستأنس بكم من وحشة ، ولا لأستكثر بكم من قلة ، ولا لأستعين بكم على دفع أمر عجزت عن دفعه ولجلب منفعة ، ولا لدفع مضرة ، ولكني خلقتكم لتعبدوني طويلاً ، وتذكروني كثيراً وتسبّحوني بكرة وأصيلاً " .. لأن الواقع الذي نحياه يعبر أنه فساد في الفطرة ، وظلمة في القلب ، وكدر في الأفهام ، ومحق في العقول .. فصارت النفس مقام العقل ؛ والهوى مقام الرشد ؛ والضلال مقام الهدى ؛ والمنكر مقام المعروف ؛ والجهل مقام العلم ؛ والرياء مقام الإخلاص ؛ والباطل مقام الحق ؛ والكذب مقام الصدق ؛ والظلم مقام العدل .. لذا ينتزع ربك أشواك ذلك الواقع ليضع أمامنا ما خلقنا له ..
ونكرر الإجابة حتى تدرك: " لتعبدوني طويلاً وتذكروني كثيراً وتُسبّحوني بكرة وأصيلاً " ويشرح أبو الدرداء لمن يثقل على كاهلهم العبادة وكأنها هم ثقيل وغم حاضر وعذاب واصب " لا تجعلوا عبادة الله بلاء عليكم ؛ لك: يوقت الرجل على نفسه العمل "" أي " ... أن لا يُشدد العبد على نفسه في كثرة العبادة فيفعلها بغير محبة وإقبال على الله عز وجل ؛ كمن يعمل العمل الذي كُلف به فيشق عليه بضجر وتبرم.ويزيد الأمر بياناً صاحب عُدة الصابرين " لله تبارك وتعالى على عبده نوعان من الحقوق لا ينفك عنهما .. أحدهما: القيام بأمره ونهيه الذين هما محض حقه علينا .. والثاني: شكر نعمه التي أنعم بها علينا " ..
وقبل أن تنفض يديك أن قد أديت ما عليّ! .. فيوعيك الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم " لو أن رجلاً يجر على وجهه من يوم وُلد إلى يوم يموت هرماً في مرضاة الله لحقره يوم القيامة "
ها .. أأدركت ما رأيت ؟!
ها .. أأدركت ما رأيت ؟!
ها .. أأدركت ما رأيت ؟!